القيادي الاشتراكي عبد الرحمن السقاف: جبهة انقاذ الثورة هي الحالة الثورية الوحيدة في البلاد التي تتصدى للفساد القائم من خلال نضالها السلمي والقانوني
4 أبريل، 2014
90 24 دقائق
يمنات – الاشتراكي نت
قال الدكتور عبد الرحمن عمر السقاف عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، إن الشعب اليمني لم يلمس أي تغيير في حياته بعد ثلاث سنوات من قيام الثورة.
و أنتقد السقاف، أداء الحكومة التي قال أنها بدلاً من أن تحقق في فساد الحكومات السابقة راحت تضاعف هذا الفساد.
واستعرض السقاف عن عدد من القضايا المتعلقة بآخر المستجدات على الصعيد الوطني والحزبي في محاضرة ألقها مساء الخميس في مقر قطاع الشباب والطلاب في منظمة الحزب الاشتراكي بمحافظة تعز، حضرها جمع من الشباب وأعضاء الحزب وأنصاره، وتمحورت القضية الأولى حول”انتشار حالة من التذمر لدى الشباب وجموع المواطنين إزاء الواقع الراهن”.
وأوضح بقوله “بعد انقضاء ثلاث سنوات من الثورة السلمية لم يلمس المواطن الفرد والشعب كمجموع أية فوائد أو انجازات مباشرة تنعكس عليه, خاصة وأن الشباب عندما خرج للاحتجاج في فبراير 2011م وقدم بذلك تضحيات جسيمة, رفع مطالب حقوقية, كالمطالبة بفرص عمل, وانتشاله من البطالة”.
وتطرق للدوافع التي أدت إلى قيام الثورة، وقال أن البطالة المنتشرة بين الشباب هي أبرز تلك الدوافع، مشيراً إلى أن ظاهرة البطالة آخذت “تدرجاً متطوراً حيث لم تكن فقط لدى الشباب غير المتعلم, وإنما طالت الشباب المتعلمين وحملة الشهادات الجامعية بمختلف درجاتها.
وأضاف إن هذا الوضع دفع بجموع الشباب العاطلين وهم من المتخصصين وأصحاب الشهادات العليا للبحث عن أعمال أخرى لا تتفق وتخصصاتهم, بل اضطر الشباب العاطل لأن يقبل بأعمال شاقة ويمارس مهن لمواجهة ضغط المعيشة، بينما الذين كانوا يمسكون باقتصاد البلاد وينعمون بالثروة أغلبهم من غير المتخصصين ولا يحملون شهادات.
و لفت السقاف إلى أن هذا الوضع هو الذي ولد فجوة حقيقية ودفع بالشباب للخروج في ثورة.
وقال السقاف أن الدافع الثاني لقيام الثورة هو التفاوت الحاد في الأجور بين المواطنين.
واستطرد بقوله “لقد كانت السلطات العربية تتبارى في تحديد الحد الأدنى للأجور ولا تلتفت للحدود العليا للدخول, وهو ما أنتج بروز أقلية تستأثر على الثروة الوطنية وتملك الجزء الأكبر من المال, في مقابل أغلبية سكانية هائلة تعيش في فقر مدقع”.
وأشار إلى أن طبيعة الاقتصاد السائد, الذي يقوم على علاقات المحسوبية والفساد والزبائنية، هو أيضاً أحد الدوافع التي أدت إلى قيام الثورة، لافتاً إلى أن النمط الاقتصادي الذي كان سائداً ولا يزال هو “اقتصاد سياسي” تتحكم فيه سياسة السلطة الحاكمة في ظل عدم وعي الحكومة بخطورة ذلك.
ووجه السقاف انتقادات لحكومة الوفاق الوطني وقال إن برنامجها لم يشتمل على أنشطة واجراءات قانونية وحقوقية من شأنها أن تسهم في التخلص من مورثات النظام السابق, خاصة فيما يتعلق بالفساد والمحسوبية والعلاقات الاقتصادية الجائرة, التي تولد أزمات المعيشة.
وأكد أن الحكومة لم تستطع أن تلبي احتياجات الشعب فيما يخص تحديد الأسعار وخفضها, وتخفيف أعباء المعيشة, ومواجهة سوء التغذية والجوع.
وأوضح بقوله “هناك مفارقة تعيشها اليمن، ففي ظل التردي الواضح والجسيم في معيشة الشعب, وسوء الخدمات التي تقدمها الدولة, وارتفاع تكلفتها, وتفاقم الأسعار وتردي الأوضاع الأمنية ورغم أن الحكومة تتلقى تمويلات ومساعدات أجنبية كي تجابه كل هذه المشاكل, إلا أننا نلحظ حالة من البذخ والترف في المظاهر والامتيازات التي يحصل عليها المسئولين الحكوميين, وهو ما يسدل الستار عن حالة انفصال عن الواقع تعيشها الحكومة والمسئولين الحكوميين”.
وأضاف: تتجلى حالة الانفصال عن الواقع, في أداء الحكومة التوافقية والعلاقات البينية التي تجمع أطرافها, ففي حين تواجه هذه الحكومة مشاكل المعيشة والمشكلات التي يعانيها المواطن والشعب, إلا أنها تعيش من حالة عدم التجانس والصراع. مشيراً إلى أن “الحكومة تتعامل مع ظاهرة الفساد بحالة من الاسترخاء الشديد”.
وتابع بقوله “لا يزال الاقتصاد الكلي للبلد محكوم بإرادة نخبة صغيرة محتكرة مسيطرة على البلاد ويتبعها رجالات أعمال. هؤلاء لا يزالوا يحافظون على امتيازات غير مشروعة وغير قانونية كسبوها من النظام السابق”.
وقال السقاف إن تعبير حكومة الوفاق لم يعد ينطبق على هذه الحكومة خصوصاً لو لاحظنا العلاقات التي تربط أطرافها سنجد أنها علاقات تناقضية غير متجانسة، لافتاً إلى أن حالة التوافق أصبحت هشة بين مختلف أطراف التوافق، وأن تكتل اللقاء المشترك يعيش أسوأ أيامه، فيما شباب الثورة مشتتين ولا توجد تكوينات واضحة وقوية تعبر عنهم.
وأشاد السقاف بالجهود التي تقوم بها جبهة انقاذ الثورة، وقال إنها الحالة الثورية الوحيدة في البلاد التي لا تزال تتصدى للفساد القائم من خلال نضالها السلمي والقانوني.
وأضاف بقوله” إن ما تقوم به لجان الظل وجبهة انقاذ الثورة من إعداد ونشر تقارير عن حالة الفساد الموجودة في مؤسسات الدولة بل وترفع دعاوى قضائية ضد المتسببين عن هذا الفساد يعد حالة إيجابية وغير مسبوقة ويدخل في إطار المقاومة المدنية”.
وتحدث السقاف عن الحوار الوطني الذي قال أن مخرجاته جاءت لترسم إلى حد كبير طبيعة النظام السياسي القادم وتوجهاته ومضامينه. وكذلك النظام الاقتصادي واتجاهاته, كما تعالج قضايا العدالة القانونية والاجتماعية والتنمية ومهام التحول الديمقراطي وتحقيق الحكم الرشيد.
وقال إن مخرجات الحوار عالجت عدد من القضايا الوطنية كالقضية الجنوبية, وصعدة, والمظالم الحقوقية المترتبة عن دورات الصراع السياسي في الماضي، إلى جانب أنها حددت طبيعة النظام السياسي القادم على قاعدة الشراكة الوطنية في السلطة والثروة.
وتطرق إلى ما أسماه ب” مشروع الهندسة السياسية” الذي يتم من خلاله إعادة تشكيل الخارطة السياسية بما يتفق مع مصالح النخبة الحاكمة ومطامع الشركات الاحتكارية الأجنبية, من خلال التحايل على مخرجات الحوار الوطني بحيث سيتم تطبيق المخرجات بطريقة انتقائية, سيتم التركيز على ما يخص بالحكم الرشيد فيما الحقوق الدستورية في الثروة والمشاركة في السلطة ورد المظالم المترتبة على جولات الصراع سيتم التغافل عنها.
كما سيتم التحايل على المخرجات من خلال إنتاج دستور يحيل في مواده إلى القوانين, حيث سيتم صياغة قوانين لا تتفق بشكل عضوي مع هذه نصوص الدستور, وسيتم تعديل هذه القوانين لأكثر من مرة بحيث تصبح في النهاية لا علاقة لها بالدستور وروحه.
وأضاف ” قادة الرأي العام والصحافة لا يعيروا هذه المسألة أدنى اهتمام”. وفي سياق محاضرته حذر السقاف من المساعي التي قال أنها تبذل لإخراج الحزب الاشتراكي من المعادلة السياسية وإزاحته من المشهد الوطني, والسبب في ذلك هو أن الحزب كان أبرز من صنعوا التغيير في المرحلة الماضية، إلى جانب أنه أنتج رؤى حقيقية لمجمل المشكلات التي تمر بها البلد، أبرزها “رؤية الإقليمين التي تقدمنا بها الى الحوار الوطني وأحرجت كثير من القوى السياسية المحلية والأطراف الدولية”.
وتحدث السقاف عن دور الحزب في الثورة الشبابية وقال: “صحيح أن الحزب لم يكن صانعاً للأحداث لكنه كان موجهاً لها, فقد استطاع الحزب الاشتراكي وبمعية الشباب في الساحات المحافظة على الطابع السلمي للثورة, وفصل المسار العسكري عن المسار السياسي (الوقوف في مواجهة مساعي عسكرة الثورة).
وأضاف “يمكن الالتفات لحالة الحفاظ على البعد السلمي من خلال طرح سؤال عن كم مقدار المسافة التي تبعد ساحة التغيير عن ميدان المعركة المسلحة في الحصبة” إنها مسافة بسيطة ولكن مع الإصرار الذي أبداه الشباب في الساحات في المحافظة على سلمية الثورة تم تجاوز مساعي عسكرة الثورة والانجرار وراء العنف.
وأشار إلى أن أداء الأمين العام د. ياسين سعيد نعمان, الذي لعبه خلال الثورة، أدى إلى تغيير نظرة الرعاة الدوليين والأطراف الدولية والإقليمية فيما يخص الثورة.
وأستطرد “لقد جاءت المبادرة الخليجية لتؤكد النظرة القاصرة للأطراف الإقليمية على ما يجري في البلاد, إذ كانت تنظر إلى الثورة على أنها أزمة بين طرفين يتنازعان على السلطة, لكن مع صدور قرار مجلس الأمن رقم 2014 وما تبعه من قرارات جاءت لتغطي القصور والعيوب التي جاءت بها المبادرة الخليجية وكان للأمين العام دور حاسم في كل ذلك, اتسق ذلك مع دور الشباب وتضحياتهم وحفاظهم على سلمية الثورة وإصرارهم على المطالب الثورية رغم العنف المفرط الذي استخدمه النظام ضدهم, والمجازر التي ارتكبها كمجزرة كنتاكي وإحراق ساحة الحرية بتعز.
وأضاف أن من الأدوار البارزة التي لعبها الحزب الاشتراكي خلال المرحلة الماضية هو تبنيه لرؤية الاقليمين (إقليم في الشمال وإقليم في الجنوب) انطلاقاً من وعي موضوعي للحراك السياسي الاجتماعي المعتمل في الجنوب, وفي مواجهة المشاريع التطرفية التي يحملها البعض من شعارات (الاستقلال والتحرير, فك الارتباط, استعادة الدولة, تقرير المصير) ليجعل من مشروع الإقليمين ملبياً للحد الأدنى من المطالب الشعبية وهو في ذات الوقت يسهم في ترميم جسد الوحدة الوطنية وإنقاذ الوحدة اليمنية من مهاوي الانهيار, ناهيك عن أن تعمل على تفكيك البنى العصبوية ومراكز النفوذ التي تشكلت إثر الامتيازات التي حصلت عليها تلك القوى المسيطرة عقب حرب 1994م من خلال ممارسات الفيد والنهب والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة والسيطرة على أراضي الانتفاع والسطو على الثروة والموارد الطبيعية. وأشار إلى أن “رؤية الإقليمين وضعت في اعتبارها أن اليمن كانت كيانين سياسيين ولكن بشعب واحد, حيث عالجت القضية الجنوبية في بعدها السياسي من خلال الإقليمين, والتأكيد على الهوية الوطنية الواحدة لليمنيين في الجنوب والشمال”، لافتا إلى أن الولايات التي تضمنتها رؤية الحزب جاءت لتعالج القضايا الخاصة التي تأخذ بعداً وطنياً والتي نتجت من موروث الصراع قبل الوحدة.
وتطرق السقاف إلى الوضع الحالي الذي يمر به الحزب متسائلاً عن الأوراق التي يمتلكها الحزب في مواجهة مساعي إزاحته من المشهد الوطني، معدداً عدد من تلك الأوراق التي قال أن أبرزها تأتي من كون “قوة التصور الايجابي التي تولدت لدى الناس عن الحزب”.
وتساءل السقاف هل يستطيع الحزب أن يحول هذه القوة غير الملموسة إلى قوة مادية ملموسة، مشيراً إلى أن الحزب أيضاً يتمتع بمكانة في الوسط المدني وقوى الحداثة، التي يمكن أن تصبح قوة مادية من خلال بناء تحالف وطني اجتماعي عريض ذات وزن سياسي.
وأكد السقاف أن الحضور الذي اكتسبه الحزب في الأوساط الشعبية، جاء نتيجة لتحمله مهمة بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتأكيده على ذلك في خطابه السياسي وفي أوراقه ورؤاه التي قدمها إلى الحوار الوطني, وهي رؤى كانت عميقة وعلمية عكف عليها نخبة من الحزبيين لفترة طويلة كي ينتجوها بالشكل الملائم والمطلوب.